لماذا التخويف من الإسلام والإسلاميين؟!
هذا السؤال حتى نجيب عليه لا بد من استعراض التطور التاريخي للعلاقة بين الغرب والمسلمين, لإن البعد التاريخي يفسر كثيراً من الظواهر الحاصلة اليوم.
فالعالم قبل بعثة النبي كان منقسماً إلى معسكرين: الغربي ممثلاً بالرومان, والشرقي ممثلاً بالفارسي. وكانت الأمبراطوريتان تتمددان أفقياً بالاحتلالات العسكرية. وكان العرب بنظرهم أمم متخلفة مفككة تعيش على الغزو والسرقة, وكان ملوكهم وزعماء قبائلهم أذناباً لقيصر أو لكسرى, وبقي هذا الحال حتى ظهر الإسلام الذي صهر العرب في بوتقة واحدة غابت فيها النظرة الأحادية الفردية الأنانية وبرزت فيها الروح الجماعية والتصميم والتكافل والتكاتف...
وبعد الهجرة ولدت الدولة الإسلامية في المدينة المنورة وبعث رسول الله بكتبه إلى ملوك ذلك الزمن ولم يرق لكسرى وقيصر هذا الفعل فكيف لرعاة الإبل أن يخاطبوا أسياد العالم
ولما بدأت حروب التحرير والفتح الإسلامي دخلت البلاد العربية في الإسلام حتى أن مسيحي الشام ومصر وغيرهما رحبوا بالفاتحين المسلمين لِما رأوا عندهم من عدل وتسامح وحرية دين..مقابل ما كانوا يلاقونه من الرومان.. من ظلم وجبر على العقيدة. يقول جون اسبوزيتو في كتابه: التهديد الإسلامي خرافة أم تقليد؟:( وعلى المستوى الديني برهن الإسلام أنه ديانة أكثر تسامحاً, تقدم حرية دينية أوسع لليهود والمسيحيين من أهل البلاد, ومعظم الكنائس المسيحية المحلية كانت قد عانت الاضطهاد باعتبارها كنائس انشقاقية وهرطقية من جانب المسيحية الأرثوذكسية« الأجنبية » [البيزنطية]. ولهذه الأسباب قامت بعض الجماعات اليهودية والمسيحية فعلاً بمساعدة الجيوش الإسلامية الغازية )ا.هـ, ص62.
ولم يقتصر الأمر على المساعدة بل دخلت تلك الشعوب في الإسلام وحملت راية نشره والدفاع عنه وهذا واضح من تزايد عدد المسلمين في العصر الأول, وهذا ما زاد في تخوف الكنيسة الغربية ورجالها من هذا لدين الجديد وبدل ان يتفهموه ويتحاوروا مع حامليه ومعتنقيه .. كفروهم ووصفوهم بالهمجية والبربرية, ووصفوا نبيهم بالمضلِِل والهرطقي وبالمسيحي الخارج عن سلطة الكنيسة ... إلى ما هنالك من أوصاف كانت تلصق بالمسلمين ونبيهم. كل هذا جتى يحافظوا على كيانهم بعد أن رأوا تهاوي الأمبراطورية الفارسية وتآكل الامبراطورية البيزنطية .. واقتراب المد الإسلامي من مركز الثقل الأوربي قبل نهاية القرن الهجري الأول والذي تمثل بفتح الأندلس والسيطرة على البحر المتوسط وتهديد سواحل الدول الأوربية ؛ مما حدى بالكنيسة إلى شن حملة مضادة ضد الإسلام والمسلمين ظهر أثرها واضحاً في الحروب الصليبية حيث تم تجييش الغرب المسيحي لاستعادة القدس من الهمجيين المسلمين الذين يقهرون المسيحيين ويذلونهم ويمنعونهم من الحج حسبما كان يصوره البابا لجماهيره _ مع أن التاريخ لم يثبت ولو رسالة واحدة وجهها أهالي القدس والمشرق عموماً للكنيسة لإنقاذهم,[ انظر: جون اسبوزيتو: ص65].
وعندما استعاد صلاح الدين القدس وانكفأ الصليبيون إلى بلادهم انعكست حروبهم مع المسلمين حروباً فيما بينهم, وتستمر هذه الحروب حتى يظهر العثمانيون ويوجهوا ضربة قاضية للبيزنطيين وذلك بفتح حاضرتهم القسطنطينية ودخول بلاد البلقان ومحاولات الولوج إلى العمق الأوربي. وكانت ردة فعل شعوب البلقان بخلاف المتوقع إذ اعتنق أكثرهم الإسلام والبعض الآخر عاش راضياً في كنف الدولة الإسلامية التي تضمن الحرية لكل مواطنيها على النقيض من التطرف الديني المسيحي الذي كان سائداً في الدول الأوربية؛ حتى اشتهرت عبارة الفلاحين البلقان زمن السلطان محمد: إن عمامة التركي أفضل من إكليل البابا.
وهكذا يتبين لنا أن الغرب المسيحي كان ينظر إلى المسلمين كأعداء حقيقيين يهددون وجوده فكان دائماً يتخذ من الدين ذريعة لتجييش أنصاره حتى في استعماره الأخير لبلاد المسلمين كان المبشرون النصارى أمام جيوش بلادهم يمهدون لها الأرض الجديدة مع أن المجتمعات الأوربية هدمت أسس الكنيسة وقتها!.
والدليل أيضا على التجييش الديني خروج بوش على الملأ معلناً أنه: يشن حرباً صليبية مقدسة, مع أن الحروب الصليبية وانتصارهم فيها وهم كبير عاش فيه الغربيون كانتصارات العرب المعاصرة.
والمؤسف أنه حتى بعد خروج المستعمر وطرده من بلادنا بقيت فلولهم الذين استولوا على الحكم بطرق غير شرعية وبدعم غربي فحاربوا الإسلام وعادوا أتباعه فملأوا سجونهم بالإسلاميين وقتلوا وشردوا ... بتهم الرجعية والتآمر ... وجربوا علينا كل الأفكار والنظريات السياسية من اشتراكية ورأسمالية وليبرالية... فلم ينجحوا وفشلوا فشلاً ذريعاً ؛ لإنهم تبعوا نظماً غريبة عن ثقافتنا ومجتمعاتنا, مع أن الغرب فهم منذ العصور الأولى لظهور الإسلام أن هذه الأمة إنما سادت العالم لما اتبعت الإسلام ورفعت راية الجهاد فحاول بشتى وسائله محاربة هذا الدين منذ ولادته إلى الآن. ألم يحن الوقت حتى يفهم أبناء جلدتنا ذلك؟! ويتركوا المسلمين لما يختارونه ويكون سبباً في تقدمهم وسيادتهم للعالم.
فالذي أراه: أن من يحارب تحكيم شرع الله في بلاد المسلمين بل ويفسد دينهم وأخلاقهم هو خائن لأمته وذنب من أذناب الغرب وبوقاً لهم, أو أنه لم يفهم من الإسلام إلا ما أراد الغرب المسيحي من أتباعه أن يفهموه.
محمد الخضر
هذا السؤال حتى نجيب عليه لا بد من استعراض التطور التاريخي للعلاقة بين الغرب والمسلمين, لإن البعد التاريخي يفسر كثيراً من الظواهر الحاصلة اليوم.
فالعالم قبل بعثة النبي كان منقسماً إلى معسكرين: الغربي ممثلاً بالرومان, والشرقي ممثلاً بالفارسي. وكانت الأمبراطوريتان تتمددان أفقياً بالاحتلالات العسكرية. وكان العرب بنظرهم أمم متخلفة مفككة تعيش على الغزو والسرقة, وكان ملوكهم وزعماء قبائلهم أذناباً لقيصر أو لكسرى, وبقي هذا الحال حتى ظهر الإسلام الذي صهر العرب في بوتقة واحدة غابت فيها النظرة الأحادية الفردية الأنانية وبرزت فيها الروح الجماعية والتصميم والتكافل والتكاتف...
وبعد الهجرة ولدت الدولة الإسلامية في المدينة المنورة وبعث رسول الله بكتبه إلى ملوك ذلك الزمن ولم يرق لكسرى وقيصر هذا الفعل فكيف لرعاة الإبل أن يخاطبوا أسياد العالم
ولما بدأت حروب التحرير والفتح الإسلامي دخلت البلاد العربية في الإسلام حتى أن مسيحي الشام ومصر وغيرهما رحبوا بالفاتحين المسلمين لِما رأوا عندهم من عدل وتسامح وحرية دين..مقابل ما كانوا يلاقونه من الرومان.. من ظلم وجبر على العقيدة. يقول جون اسبوزيتو في كتابه: التهديد الإسلامي خرافة أم تقليد؟:( وعلى المستوى الديني برهن الإسلام أنه ديانة أكثر تسامحاً, تقدم حرية دينية أوسع لليهود والمسيحيين من أهل البلاد, ومعظم الكنائس المسيحية المحلية كانت قد عانت الاضطهاد باعتبارها كنائس انشقاقية وهرطقية من جانب المسيحية الأرثوذكسية« الأجنبية » [البيزنطية]. ولهذه الأسباب قامت بعض الجماعات اليهودية والمسيحية فعلاً بمساعدة الجيوش الإسلامية الغازية )ا.هـ, ص62.
ولم يقتصر الأمر على المساعدة بل دخلت تلك الشعوب في الإسلام وحملت راية نشره والدفاع عنه وهذا واضح من تزايد عدد المسلمين في العصر الأول, وهذا ما زاد في تخوف الكنيسة الغربية ورجالها من هذا لدين الجديد وبدل ان يتفهموه ويتحاوروا مع حامليه ومعتنقيه .. كفروهم ووصفوهم بالهمجية والبربرية, ووصفوا نبيهم بالمضلِِل والهرطقي وبالمسيحي الخارج عن سلطة الكنيسة ... إلى ما هنالك من أوصاف كانت تلصق بالمسلمين ونبيهم. كل هذا جتى يحافظوا على كيانهم بعد أن رأوا تهاوي الأمبراطورية الفارسية وتآكل الامبراطورية البيزنطية .. واقتراب المد الإسلامي من مركز الثقل الأوربي قبل نهاية القرن الهجري الأول والذي تمثل بفتح الأندلس والسيطرة على البحر المتوسط وتهديد سواحل الدول الأوربية ؛ مما حدى بالكنيسة إلى شن حملة مضادة ضد الإسلام والمسلمين ظهر أثرها واضحاً في الحروب الصليبية حيث تم تجييش الغرب المسيحي لاستعادة القدس من الهمجيين المسلمين الذين يقهرون المسيحيين ويذلونهم ويمنعونهم من الحج حسبما كان يصوره البابا لجماهيره _ مع أن التاريخ لم يثبت ولو رسالة واحدة وجهها أهالي القدس والمشرق عموماً للكنيسة لإنقاذهم,[ انظر: جون اسبوزيتو: ص65].
وعندما استعاد صلاح الدين القدس وانكفأ الصليبيون إلى بلادهم انعكست حروبهم مع المسلمين حروباً فيما بينهم, وتستمر هذه الحروب حتى يظهر العثمانيون ويوجهوا ضربة قاضية للبيزنطيين وذلك بفتح حاضرتهم القسطنطينية ودخول بلاد البلقان ومحاولات الولوج إلى العمق الأوربي. وكانت ردة فعل شعوب البلقان بخلاف المتوقع إذ اعتنق أكثرهم الإسلام والبعض الآخر عاش راضياً في كنف الدولة الإسلامية التي تضمن الحرية لكل مواطنيها على النقيض من التطرف الديني المسيحي الذي كان سائداً في الدول الأوربية؛ حتى اشتهرت عبارة الفلاحين البلقان زمن السلطان محمد: إن عمامة التركي أفضل من إكليل البابا.
وهكذا يتبين لنا أن الغرب المسيحي كان ينظر إلى المسلمين كأعداء حقيقيين يهددون وجوده فكان دائماً يتخذ من الدين ذريعة لتجييش أنصاره حتى في استعماره الأخير لبلاد المسلمين كان المبشرون النصارى أمام جيوش بلادهم يمهدون لها الأرض الجديدة مع أن المجتمعات الأوربية هدمت أسس الكنيسة وقتها!.
والدليل أيضا على التجييش الديني خروج بوش على الملأ معلناً أنه: يشن حرباً صليبية مقدسة, مع أن الحروب الصليبية وانتصارهم فيها وهم كبير عاش فيه الغربيون كانتصارات العرب المعاصرة.
والمؤسف أنه حتى بعد خروج المستعمر وطرده من بلادنا بقيت فلولهم الذين استولوا على الحكم بطرق غير شرعية وبدعم غربي فحاربوا الإسلام وعادوا أتباعه فملأوا سجونهم بالإسلاميين وقتلوا وشردوا ... بتهم الرجعية والتآمر ... وجربوا علينا كل الأفكار والنظريات السياسية من اشتراكية ورأسمالية وليبرالية... فلم ينجحوا وفشلوا فشلاً ذريعاً ؛ لإنهم تبعوا نظماً غريبة عن ثقافتنا ومجتمعاتنا, مع أن الغرب فهم منذ العصور الأولى لظهور الإسلام أن هذه الأمة إنما سادت العالم لما اتبعت الإسلام ورفعت راية الجهاد فحاول بشتى وسائله محاربة هذا الدين منذ ولادته إلى الآن. ألم يحن الوقت حتى يفهم أبناء جلدتنا ذلك؟! ويتركوا المسلمين لما يختارونه ويكون سبباً في تقدمهم وسيادتهم للعالم.
فالذي أراه: أن من يحارب تحكيم شرع الله في بلاد المسلمين بل ويفسد دينهم وأخلاقهم هو خائن لأمته وذنب من أذناب الغرب وبوقاً لهم, أو أنه لم يفهم من الإسلام إلا ما أراد الغرب المسيحي من أتباعه أن يفهموه.
محمد الخضر