المرأة أسمها ميسون،والمكان: دمشق،والزمان:يوم من أيام سنة (607)هجرية،والمحنة:هجوم الصلبيين اللغزاة كالطوفان يدمر كل ما يقف أمامه،ومحنتها:أستشهادإخوتها الأربعة في جهادهم المقدس.
ماذا يمكن أن تفعل امرأة عزلاء في مواجهة هذه الجحافل؟نعم...إنها أمرأة وحدها لا تقوي علي عمل شي،لكنها امرأة صاغها الإيمان خلقاً اّخر ،فقلبت الموازين،وأدارت دفة الأمور،وغيرت مجري الأحداث،نزل الأيمان قلبها فإذا بها تحس أن في عضلاتها القوة التي تهز دمشق هزا،وفي حنجرتها الصوت الذي يًََُسمع الأموات، وفي قلبها العزم الذي لا يكل والمدد الذي لا ينقطع،والبأس الذي يفل الحديد ويدك الحصون.
جمعت النساء اللاتي حضرن يواسينها ويعزينها وقالت لهم:إننا لم نخلق رجالاً نحمل السيوف،ولكن إذا جبن الرجال لم نعجز نحن عن العمل،هذا والله شعري،أثمن ما أملك أتنازل عنه جعله قيداً لفرس تقاتل في سبيل الله،لعلي أحرك به هؤلاء الأموات.
وأخذت المقص فجزِت شعرها،وصنع النساء صنيعها،ثم جلسن يضفرنه لجما وقيوداً لخيل المعركة الفاصلة،لا يضفرنه ليوم زفاف أو ليلة عرس،وأرسلن هذه القيودواللجم إلي خطيب الجامع الإموي سبط ابن الجوزي، فحمله إلي الجامع يوم الجمعة،وقعد في المقصورة،وحبس هذه اللجم والقيود بين يديه،والدمع يترقرق من عينيه ،ووجهه ممتقع شاحب، والناس يلحظون ذلك كله وينظر بعضهم إلي بعض،حتي قام وخطب خطبة حروفها من نار، تلدغ أكباد من يسمعها وكلماتها سحر، فكانت إحدي المعجزات البلاغية التي يهدر بها كل عصرمرة لسان محدث،أو العادات، وإنما حفظ الرواة جملأ منها نقلوها إلي لسان الأرض، وكان وكان ممن حفظوا:"يا من أمرهم دينهم بالجهاد حتي يفتحوا العلم ويهدوا البشر إلي دينهم،فقعدوا حتي فتح العدو بلادهم وفتنهم عن دينهم" يا من باع أجدادهم نفوسهم من الله بأن لهم الجنة، وباعوا هم الجنة بأطماع نفوس صغيرة ولذائذ حياة ذليلة.يا أيها الناس:
مالكم نسيتم دينكم، وتركتم عزتكم، وقعدتم عن نصرة الله فلم ينصركم،وحسبتم أن العزة للمشرك، وقد جعل الله العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
يا ويحكم... أما يؤلمكم ويجشي نفوسكم من ان عدو الله وعدوكم،يخطو علي أرضكم التي سقاها بالدماء اٌباؤكم..يذلكم ويتعبدكم ...وأنتم كنتم سادة الدنيا؟
أما يهز قلوبكم وينمي حماستكم،أن إخواناً لكم قد أحاط بهم العدو،وسامهم ألوان الخسف؟؟؟
أما في البلد عربي؟!أما في البلد مسلم؟! أما في البلدإنسان؟!العربي ينصر العربي، والمسلم يعين المسلم،والأنسان يرحم الأنسان...
من لم يهب لنصرة فلسطين لا
يكون عربياً ولا مسلماً ولا
إنساناً..
افتأكلون وتشربون وتنعمون
وإخوانكم هناك يتسربلون
باللهب ويخوضون النار،
وينامون علي الجمر؟؟
يا أيها الناس:إنها قد دارت
رحي الحرب،وندي منادي
الجهاد، وتفتحت أبواب السماء
فإن لم تكونوا من فرسان
الحرب فأفسحوا الطريق للنساء
يدرن رحاها، واذهبوا فخدوا
المجامر و المكاحل...يا نساء
بعمائم ولحي!!!
فإلي الخيول،وهاكم لجمها
وقيودها، ياناس...أتدرون مما صنعت هذه اللجم والقيود؟ لقد صنعها نساء من شعورهن،لأنهن لا يملكن
شيئا غيرها يساعدن به فلسطين، هذه والله ضفائر الطاهرات التي لم تكن تبصرها عين الشمس صيانة وحفظا، قطعنها لأن تاريخ الأرض تاريخ الحب قد انتهي، وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة.... الحرب في سبيل الله، وفي سبيل الأرض والعرض، أنها من شعور النساء..ألم يبق في نفوسكم شعور؟!
ألقاها من فوق المنبر علي رؤوس الناس وصرخ: تصدعي يا قبة النسر، وميدي يا عماد المسجد،وانقضي يا رجوم، لقد أضاع الرجال رجولتهم، فصاح الناس صيحة ما سمع مثلها، ووثبوا يطلبون الموت، فجاء النصر المبين علي يد أمرأة واحدة أيقظت أمة نائمة.
أقول لكم: أن أنتصار الأسلام اليوم لا يتم إلا بإيجاد نساء شبيهات بميسون، ورجال من أمثال سبط أبن الجوزي، فإن قعدت الأمة عن تربية مثل هذه النماذج،
أثمت الأمة كل الأمة،فلتسرج جواد الدعوة إلى الله، فرب مبلغ أوعي من سامع، ورب حامل فقه إلي من هو أفقه منه والخير في هذه الأمة إلي يوم القيامة لا ينضب
معينه بإذن الله******